الإنسان.. آية الله الباهرة، الذي أودع فيه من المعجزات والدلائل والآيات ما يحار فيها الفكر، ويعجز عن إدراك مكنونها العقل.
هذا الكائن العجيب، الضعيف في مظهره، هو كريم على الله تعالى، خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وسخر له الكون بما فيه.
كما أن الله تبارك وتعالى أوجب له حقوقاً، أثبتها في كتابه الكريم، وسنة نبيه ﷺ فكان هذا التميز والتكريم مثار فخر واعتزاز لكل مسلم ينتمي إلى هذا الدين العظيم.
لو تأملت في شريعة الإسلام الغراء، لوجدت أن أصولها ومقاصدها العامة والخاصة قد كفلت حقوق الإنسان، وأقرت كرامته.. يكفيك أن تقرأ قول الله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.. فهذه الآية الكريمة جمعت خمس منن تفضل الله بها على الإنسان وميزه بها عن سائر المخلوقات:
- كرمه أيما تكريم.
- سخر له المراكب في البر.
- سخر له المراكب في البحر.
- رزقه من عموم الطيبات.
- فضله على كثير من المخلوقات.
ولهذا لو سألك سائل: من هو أول من أسس وأكد على حقوق الإنسان، وأقر مواثيقها؟ فقل له دون أدنى شك إنه سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد ﷺ الذي أنزل عليه القرآن الكريم المتضمن للعديد من مظاهر التكريم والتوقير لهذا الإنسان، والذي جاء بسنته المطهرة التي أشارت إلى أن الله خلق الناس سواسية كأسنان المشط، فهم من حيث الأصل والنسب، كلهم (لآدم وآدم من تراب) ولم يفرق بينهم في الحقوق والحريات، وجعل الحكمة من تنوع ألوانهم ولغاتهم، وتوزيعهم شعوباً وقبائل، لتسهيل التعارف بينهم وتنظيم أمور حياتهم ورعاية مصالحهم، وليس للتفاضل بينهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
هذا المعنى الراقي والجميل، يؤكده أيضاً خطاب النبي ﷺ الذي أعلن مبدأ المساواة العامة في أعظم جمع، وسط أيام الحج الأكبر.. حين قال (يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى).
ومن جملة تكريم الله تعالى للإنسان أن حرم الاعتداء عليه وسفك دمه، وانتهاك عرضه أو حتى سلب ماله.. وتزيد كرامته عند الله إذا كان مسلماً.. قال ﷺ (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وقال عليه الصلاة والسلام (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).
بل جعل دم المسلم من أغلى الدماء، وحرمته من أجلِّ الحرمات.. فقد جاء عند الطبراني عن أنس مرفوعاً (من آذى مسلماً بغير حق فكأنما هدم بيت الله) وعند ابن ماجة من حديث البراء مرفوعاً (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق)
وقد صحح الألباني حديث ابن عمر قال: رأيت رسول الله ﷺ يطوف بالكعبة ويقول (ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه)
نستذكر ذلك كله لندلل على عظمة هذا الدين، وسمو توجيهاته، وعلو قيمه.. وكيف أنه أرسى دعائم الحق والعدل ليعيش الناس في أمن وأمان، وراحة واطمئنان، ويعرف الجميع حقوقهم وواجباتهم فيحافظوا عليها، في ظل شريعة اعتبرت الإنسان محور مقاصدها وضرورياتها.
والله من وراء القصد
سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...
لا أدري ما الذي دفعني في هذه اللحظة، وأوجَد الرغبة في نفسي أن أكتب عن عيسى بن محمد؟! هكذا فجأة.. وجدت نفسي أريد أن أكتب عنه.. لا أدري لماذا؟! هل لأنني فقدت المرجع الذي كلما أردنا الفصْل في بعض القضايا بحكمة وتعَقُّلٍ ذهبنا إليه؟! هل لأنني فقدت صاحب...
جاء في الحديث (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء) في إشارة إلى لفتة تربوية نبوية تربِّي المسلم على أهمية تجريد القصْد في العبادة من كل شيء وصرْفها لله وحده امتثالاً لقوله تعالى"وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّ...
إنه طاعة من أعظم الطاعات، وقُربة من أنفع القُرُبات.. شُرِعت في كل وقت وحين.. لاتأخذ منك كثير جهد ولا وقت، لكنها من حيث أثرها تزن الجبال الراسيات. وهو عبادة تعقُب العبادات، كالصلوات وقيام الليل والحج وسائر العبادات، وتُختَم بها المجالس طلباً للصفح وا...
لعمرك ما الرزية فَقْدُ مالٍ ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ ولكن الرزيةَ فَقْدُ فَذّ يموت لموته خَلقٌ كثيرُ إن رحيل العظماء والعلماء والدعاة والمصلحين مصيبة شديدة الوقْع على الأمة كلها، لأن في ذهاب هؤلاء ذهاباً للعلم الذي يحملونه، وتوقُّفاً للدعوة التي ي...
من المواقف البطولية الخالدة موقف الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه، وهو أحد أصحاب الأعذار الذين أجاز الله لهم التَّخَلُّف عن القتال بسبب إعاقته لأنه أعرج، والله تعالى يقول "لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَ...