• 2020-06-15

لا تحرموا أنفسكم ....!!

تأملات

عبدالله عبدالرحمن

الكاتب / عبدالله عبدالرحمن

الكل في هذه الحياة الدنيا يبحث عن السعادة وعن راحة تملأ قلبه وتشرح صدره وبسمة صادقة ترتسم على وجهه، يجد الإنسان بكل ألوان الجهد والعمل وتحقيق المكاسب المادية للوصول إلى هذه الحالة إلا أنها تجلب لصاحبها شعورًا مؤقتًا بالسعادة والفرح سرعان ما تزول مع اعتياد النعمة وتوفرها ويبدأ بالبحث عن أبواب جديدة للسعادة.
للباحثين عن السعادة الحقيقية عليكم بالعطاء، ومعنى العطاء أكبر من بضع دراهم أو دنانير تخرجها لفقير أو محتاج ويُقتصر بهذا الفهم العطاء على أصحاب المال دون غيرهم، بل إن مفهومه أكبر وأعم، فالكلمة الطيبة عطاء، والوقت تبذله في خدمة الناس عطاء، والعلم الذي تنفع به غيرك هو عطاء، مسحة على رأس يتيم هي عطاء، وزيارة المريض والدعاء له عطاء، صلة الرحم عطاء، والأذى تدفعه عن الناس هو صدقة وعطاء.
ليس المهم كم تبذل؟!!، بل كيف تبذله؟!!
ابذل مما تملك وإن كان بسيطًا ولكن ابذله بحب دون أن تنتظر جزاءً ولا شكورًا، وهنا تكمن القيمة الحقيقة والمعنى الكامن لهذا العطاء.
والسؤال أين السعادة في أن تعطي ما تملك؟!!، أوليس الأجدر أن يكون الفرح بالأخذ؟!!
العطاء يحقق التوازن الداخلي للنفس البشرية بين الأخذ والبذل، فحينما ترى سعادة غيرك البالغة وحاجته الماسة لليسير مما تملكه أنت بكثرة وبل وتفقد لذته في أحيان كثيرة ويدب في نفسك الملل والملاذ في العطاء فتستشعر قيمة النعمة التي وهبها الله لك وضرورة الحفاظ عليها، كما أن العطاء ينشر المحبة والسلام والتعاون بين الناس ويقلل من مشاعر الحسد والأنانية، ويؤسس لمجتمع مترابط يشد بعضه بعضًا.
العطاء هو أداء حق الله في نعمه، وشكرٌ من العبد لربه، فالعطاء فيه النماء وتفريج للهموم والكروب ودفع للبلايا، إضافة إلى الجزاء الأوفى في الآخرة " لَقَد رَأَيتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ، في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِن ظَهرِ الطَّرِيقِ كَانَت تُؤذِي النَّاسَ".
لا تحرموا عباد الله أنفسكم ... من لذة العطاء، ولا تستصغروا من المعروف شيئًا فإنكم لا تعلمون أي الأعمال تنجيكم.
لا تحرموا عباد الله أنفسكم ... من بذل نعم الله لعباد الله واغنموا إحسان الله إليكم ورحمته بكم " وَإِنَّمَا يَرحَمُ اللهُ مِن عِبادِهِ الرُّحَمَاءَ".

آخر المقالات

  • قاعدة (ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب) ونماذج من تطبيقاتها في الدّعوة والعمل الإسلامي

    2022-12-23

    هذه إحدى القواعد الفقهيّة الّتي يكثر تداولها في كتب الفقه ومصادره، ومفادها أنّ كلّ وسيلة لا يُتوصّل إلى فِعْل الواجب إلاّ بها فهي واجبة، لأنّ إيجاد الفعل المأمور به إذا توقّف على إيجاد شيء آخر كان هذا الشّيء واجباً، وكما أنّ وسيلة المحرّم محرّمة فكذل...

  • ريح يوسف ورجاء يعقوب

    2022-12-22

    سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...

  • فاسألوا أهل الذكر (10)

    2022-12-22

    🔹 السؤال: رجل أشكل عليه موضوع فسأل عدداً من الفقهاء المتخصصين في علوم الشريعة، وكل واحد أجابه بجواب مختلف، فهل يجوز له أن يأخذ من أقوالهم أيسرها وأخَفِّها عليه؟ الجواب : إذا كنت قادراً على النظر في أدلة مَن أفتاك والترجيح بينها تبَعاً لقوة الدلي...

  • حينما يسبق الأفراد القيادة

    2022-12-21

    القيادة بمثابة الرأس للجسد؛ فهي القاطرة التي تقود المؤسسة أو الكيان إلى النجاح والتقدم، والتاريخ مليء بقيادات غيَّرت وجه التاريخ، وأولها بالطبع القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت القيادة بهذه الأهمية وهذا التأثير فلابد لها من مجموعة خصائص وم...

  • سمكة المجداف

    2022-12-21

    تشير بعض المصادر العلمية إلى أن السمكة المسماة سمكة المجداف عاشت على مدى زمني طويل جداً! وهي ذات أنف عجيب ويُعتقَد ان لديها القدرة على التنبؤ بالزلازل! ولملايين السنين كان نهر يانغتسي بالصين (وهو ثالث أطول أنهار العالم بعد النيل والأمازون) مأوى لأصن...

  • بروتوكول وآداب تناول الطعام

    2022-12-20

    عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...