• 2020-06-25

الكاريكاتير هرمون سعادتي

هاجر ناصر الفضالة

الكاتب / هاجر ناصر الفضالة

لكل منا شغفه الخاص، وما أجمل أن نوظف هذا الشغف لخدمة مملكتنا الغالية في عز حاجتها لسواعدنا. محنة كورونا بالنسبة لي هي منحة إلهية، وهي وقفة جادة مع النفس وإعادة ترتيب لأولويات الحياة.. فأين أنا في دوامة حياتي الوظيفية والعائلية والاجتماعية؟ هل هذه هي الحياة التي طالما حلمت بها عندما كنت طفلة؟ الحمد لله نجحت وظيفيًا وتقلدت المنصب الذي طالما حلمت به.. نعم أصبحت ملكة لمنزلي الخاص، نعم أنا أم لأجمل عطايا الرحمن، لكن هل أعطيت شغف طفولتي حقها خلال هذه السنوات، أم ضاع في زحمة محطات الحياة بتقلباتها وتغييراتها السريعة؟ شغفي الطفولي كان رسم الكاريكاتير، فقد عشقت أفلام الكارتون حالي حال أي طفل في سني، حيث كانت (فترة العصرية) من أروع فترات اليوم بالنسبة لي، وكيف لا وهي فترة عرض أفلام الكارتون الشيقة (سنان، جازورا، الرجل الحديدي، قصص عالمية، سالي، جورجي، هايدي..) وغيرها من أفلام الكارتون.. و كنت حريصة على إعادة رسم هذه الشخصيات مع تلوينها بدرجة عالية من الإتقان و كنت أتفاخر برسوماتي أمام أفراد عائلتي في كل تجمع عائلي حيث كانت تطربني كلمات الثناء والمدح التي كنت أتلذذ بسماعها. أذكر أن مكتبة بيتنا كانت مليئة بالكتب التي لم تكن تستهويني لكونها تفتقر للصور ما عدا مجلد فنان الكاريكاتير العريق الأستاذ المحرقي، حيث كنت أتعامل معه كقطعة مجوهرات ثمينة.. فكنت لا أمل من تصفحه مرارًا وتكرارًا.. كان الوقت يمر سريعًا دون أن أشعر به عندما كنت أعيد رسم رسوماته الرائعة حيث أن أكثر ما كان يسحرني في هذا المجلد دقة الرسومات وروعتها التي لم تكن بحاجة للألوان لتزيدها جمالًا، فضلًا عن تناولها لقضايا واقعية بطريقة معبرة.
خلال الحجر المنزلي كنت من ضمن الأعضاء المؤسسين لمبادرة "عشان ديرتك أبدع من بيتك" بقيادة صاحب الفكرة الزميل المدرب سمير نور الدين، و من هنا تجدد العهد مع شغف طفولتي فوظفت بث الانستغرام المباشر أسبوعيًا لعرض برنامجي الخاص "كاريكاتيرك مع هاجر"، حيث تناولت في كل أسبوع شخصية كارتونية مختلفة، والسبب هو عشقي للكارتون ورغبتي بتعليمه للآخرين فحرصت أن أكون سفيرة للكارتون بتعليم أساسياته ونشر ثقافة إمكانية تعلمه وإتقانه من قبل الجميع عن طريق إتقان بعض التكتيكات ومحاولة نشر السعادة والإيجابية والتفاؤل بين أفراد المجتمع البحريني، حيث أن الأسر متواجدة مع أبنائها في البيوت والجو السائد خلال هذه الفترة هو السلبية والخوف والحياة الروتينية.
كما تم منح الشهادات الرمزية لمن يتفاعل خلال العرض ويرسل الرسومات بعد تلوينها.. فوجئت معها بتفاعل بحريني وخليجي مع هذا التطوير وعدد المشاركات يزداد أسبوعيًا، ناهيك عن كلمات الشكر والتقدير من أولياء الأمور المعبرة عن سعادة أطفالهم خلال تطبيقهم لمهارات العرض.
كما عاهدت نفسي على أن أخصص وقتًا يوميًا لرسم كاريكاتير توعوي أو ساخر من جائحة كورونا، فما أجمل أن ندمج السعادة والإيجابية في كل عمل نمارسه مهما كبر شأنه أو صغر، حينها يكون الإبداع في أجمل صوره.
رسمت منذ بدء جائحة كورونا وحتى الآن ما يقارب 100 رسمة كاريكاتيرية، تناولت فيها العديد من المواقف الواقعية من ممارسات خاطئة للتوعية بخطرها بأسلوب إيجابي فكاهي لإيماني بأن الصور تحمل عمقًا يساعد على سرعة وسهولة إيصال الرسائل المطلوبة. ففي كثير من الأحيان يكون تعبير صورة واحدة عن حدث معين أبلغ بكثير من ألف كلمة. نعلم جميعًا أن فن الكاريكاتير له مكانة عالمية لا يُستهان بها حاله كحال المقالات والصور الفوتوغرافية الاحترافية.
كما كانت لي مساهمة خلال فترة العيد مع زملائي من مبادرة "عشان ديرتك أبدع من بيتك"، حيث شاركت خلال ثاني وثالث العيد مع زميلي الفنان صلاح أبو إدريس في فقرة "لنرسم فرحة العيد" حيث تنافسنا في بعض الرسومات، و كان المطلوب من المشاركين إعادة رسم الشخصيات بشرط إلباسها الزي البحريني الشعبي مع تلوينها وإضافة لمسات توحي بتواجد الشخصية في البيت تضامنًا مع حملة خلك بالبيت.
نعم بإمكان كل واحد منا تحقيق حلمه وشغفه في مرحلة من مراحل حياته، فهو ليس بالمستحيل ولا ضربًا من الخيال.. فما أجمل أن نحيا هذه الحياة بشغف وحب وتفاؤل، عندها سنبدع ونتميز وتكون لنا بصمة مميزة في هذه الحياة.

آخر المقالات

  • قاعدة (ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب) ونماذج من تطبيقاتها في الدّعوة والعمل الإسلامي

    2022-12-23

    هذه إحدى القواعد الفقهيّة الّتي يكثر تداولها في كتب الفقه ومصادره، ومفادها أنّ كلّ وسيلة لا يُتوصّل إلى فِعْل الواجب إلاّ بها فهي واجبة، لأنّ إيجاد الفعل المأمور به إذا توقّف على إيجاد شيء آخر كان هذا الشّيء واجباً، وكما أنّ وسيلة المحرّم محرّمة فكذل...

  • ريح يوسف ورجاء يعقوب

    2022-12-22

    سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...

  • فاسألوا أهل الذكر (10)

    2022-12-22

    🔹 السؤال: رجل أشكل عليه موضوع فسأل عدداً من الفقهاء المتخصصين في علوم الشريعة، وكل واحد أجابه بجواب مختلف، فهل يجوز له أن يأخذ من أقوالهم أيسرها وأخَفِّها عليه؟ الجواب : إذا كنت قادراً على النظر في أدلة مَن أفتاك والترجيح بينها تبَعاً لقوة الدلي...

  • حينما يسبق الأفراد القيادة

    2022-12-21

    القيادة بمثابة الرأس للجسد؛ فهي القاطرة التي تقود المؤسسة أو الكيان إلى النجاح والتقدم، والتاريخ مليء بقيادات غيَّرت وجه التاريخ، وأولها بالطبع القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت القيادة بهذه الأهمية وهذا التأثير فلابد لها من مجموعة خصائص وم...

  • سمكة المجداف

    2022-12-21

    تشير بعض المصادر العلمية إلى أن السمكة المسماة سمكة المجداف عاشت على مدى زمني طويل جداً! وهي ذات أنف عجيب ويُعتقَد ان لديها القدرة على التنبؤ بالزلازل! ولملايين السنين كان نهر يانغتسي بالصين (وهو ثالث أطول أنهار العالم بعد النيل والأمازون) مأوى لأصن...

  • بروتوكول وآداب تناول الطعام

    2022-12-20

    عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...