• 2021-02-09

من الغرفة رقم (26) إلى كاف الإنسانية

الشيخ عبدالناصر عبدالله

الكاتب / الشيخ عبدالناصر عبدالله

ما زلت أذكرها بكامل تفاصيلها.. غرفة صغيرة في ركن من أركان جمعيتنا الحبيبة (جمعية الإصلاح) يحمل مفتاحها رقم (٢٦) مكتوب على بابها (اللجنة الاجتماعية).. فيها عدد من الخزانات الحديدية الجرارة ومكتب صغير ثم طاولة تتوسط هذه الغرفة محاط بها عدد من الكراسي.

تلك الغرفة كانت النواة الصغيرة التي انطلقت منها منهجية العمل الخيري المنظم والمبني على دراسات وبحوث ميدانية لمعرفة وتلمس حاجات الأسر المتعففة في مملكة البحرين ومحاولة سد جانب من هذا العوز.. ليضاف هذا السبق إلى سجل الإنجازات الرائدة التي تفردت بها جمعية الإصلاح في حقبة من الزمن لم يشاركها فيها غيرها.. بل كانت النموذج الذي رسم الطريق لغيرها من المؤسسات الخيرية في مملكة البحرين وخارجها.

كانت اللجنة الاجتماعية آنذاك برغم صغر حجمها شعلة من الحراك الاجتماعي يتداعى فيها أعضاء الجمعية في المواسم المختلفة ليتقاسموا الأدوار، فمن العمل الإداري والمكتبي إلى المهام المالية والمحاسبية إلى جولات البحث والتقصي الميدانية إلى حمل الأكياس والمؤن لتوزيعها على مستحقيها.

تلك كانت الشرارة الأولى للعمل الخيري المؤسسي التي قادها بجدارة آنذاك الوالد المرحوم قاسم يوسف الشيخ (بوحافظ) بمساعدة عدد من الإخوة الذين أصبحوا فيما بعد رموزًا للعمل الخيري يشار إليهم بالبنان على مستوى المملكة.

ثم تطور العمل فتم توسيع نطاق العمل الخيري ليشمل الإغاثة للبلدان الفقيرة والمنكوبة، حتى باتت الحاجة ملحة إلى إنشاء كيان متخصص، تتفرع فيه الأقسام المعنية بدراسة وتلبية احتياجات العمل الخيري في الداخل والخارج وفق منهجية مؤسسية تحكمها اللوائح والأنظمة، وتتماشى مع ما تنص عليه قوانين الدولة المنظمة لحركة الأموال وجوانب صرفها، فكانت لجنة الأعمال الخيرية التي ضربت خلال عملها أروع الأمثلة في تعزيز جانب العطاء الإنساني، وكانت الشمعة المضيئة في ظلام مآسي العديد من الشعوب المنكوبة، واليد الحانية التي تربِّتُ على أكتاف المعسرين والمحتاجين.

ولأن التغيير سنة الحياة، ولأن من لا يتطور يتدهور، ومن لا يتقدم يتقادم، تأتي المرحلة الجديدة السعيدة لمسيرة العمل الخيري بجمعية الإصلاح، وهي ترفل في ثوب التميز والتفرد والسبق.. ثوب (كاف الإنسانية).
تحية للرعيل الأول من رجال الجمعية المخلصين الذين حملوا راية العمل الخيري منذ بدء مسيرة نادي الإصلاح، وتحية للجنة الاجتماعية التي أشعلت الشمعة، وتحية للجنة الأعمال الخيرية التي عززت جذوة العطاء ووسعت دائرة الخير.

وتحية وألف تحية نهديها اليوم إلى (كاف الإنسانية) التي خرجت إلينا بطلّتها البهية، متوشحة شعارها الإنساني النبيل (الكفاية هي البداية).

والله من وراء القصد،،

آخر المقالات

  • قاعدة (ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب) ونماذج من تطبيقاتها في الدّعوة والعمل الإسلامي

    2022-12-23

    هذه إحدى القواعد الفقهيّة الّتي يكثر تداولها في كتب الفقه ومصادره، ومفادها أنّ كلّ وسيلة لا يُتوصّل إلى فِعْل الواجب إلاّ بها فهي واجبة، لأنّ إيجاد الفعل المأمور به إذا توقّف على إيجاد شيء آخر كان هذا الشّيء واجباً، وكما أنّ وسيلة المحرّم محرّمة فكذل...

  • ريح يوسف ورجاء يعقوب

    2022-12-22

    سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...

  • فاسألوا أهل الذكر (10)

    2022-12-22

    🔹 السؤال: رجل أشكل عليه موضوع فسأل عدداً من الفقهاء المتخصصين في علوم الشريعة، وكل واحد أجابه بجواب مختلف، فهل يجوز له أن يأخذ من أقوالهم أيسرها وأخَفِّها عليه؟ الجواب : إذا كنت قادراً على النظر في أدلة مَن أفتاك والترجيح بينها تبَعاً لقوة الدلي...

  • حينما يسبق الأفراد القيادة

    2022-12-21

    القيادة بمثابة الرأس للجسد؛ فهي القاطرة التي تقود المؤسسة أو الكيان إلى النجاح والتقدم، والتاريخ مليء بقيادات غيَّرت وجه التاريخ، وأولها بالطبع القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت القيادة بهذه الأهمية وهذا التأثير فلابد لها من مجموعة خصائص وم...

  • سمكة المجداف

    2022-12-21

    تشير بعض المصادر العلمية إلى أن السمكة المسماة سمكة المجداف عاشت على مدى زمني طويل جداً! وهي ذات أنف عجيب ويُعتقَد ان لديها القدرة على التنبؤ بالزلازل! ولملايين السنين كان نهر يانغتسي بالصين (وهو ثالث أطول أنهار العالم بعد النيل والأمازون) مأوى لأصن...

  • بروتوكول وآداب تناول الطعام

    2022-12-20

    عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...