• 2022-12-23

مساهمات

قاعدة (ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب) ونماذج من تطبيقاتها في الدّعوة والعمل الإسلامي

هذه إحدى القواعد الفقهيّة الّتي يكثر تداولها في كتب الفقه ومصادره، ومفادها أنّ كلّ وسيلة لا يُتوصّل إلى فِعْل الواجب إلاّ بها فهي واجبة، لأنّ إيجاد الفعل المأمور به إذا توقّف على إيجاد شيء آخر كان هذا الشّيء واجباً، وكما أنّ وسيلة المحرّم محرّمة فكذلك وسيلة الواجب واجبة.
وتتخرّج على هذه القاعدة مسائل لا حصر لها في كتب التّراث، إضافة إلى تطبيقات معاصرة كثيرة أكتفي في هذه المقالة بإيراد بعضٍ منها يوضّح مقصودها ويمهّد للدّعاة والعاملين للإسلام في عصرنا الطّريق للانتفاع بها، فمن ذلك:
1- حثّ الإسلام المسلمين على الإحسان والإتقان في العمل، وهذا لا يتمّ في عصرنا إلاّ بالتّخصّص، بل التّخصّص الدّقيق، ولهذا تهتمّ الدّول بإعداد اختصاصيين في مختلف جوانب الحياة.
2- فرض الإسلام على المسلمين أن يبَلِّغوا دعوتهم إلى العالمين، ومن لوازم ذلك أن يقيم أناس في بلد الدّعوة ليعلّموا مَنْ دخل في الإسلام ويثبّتوهم، وهذا أمر ضروريّ في توريث الإسلام العمليّ للمسلمين الجُدُد.
3- إقامة مجتمع إسلاميّ تحكمه عقيدة الإسلام وشريعته واجب شرعيّ، ولا سبيل إلى تحقيق هذا الواجب في جوّ من الطّمأنينة والاستقرار إلاّ بتعاضد وتنسيق من قبل العلماء وولاة الأمور مع شعوبهم ومؤسّساتهم المجتمعيّة.
4- الإسلام يدعو إلى الاجتهاد في الدّين، ويعتبر ذلك من فرائض الكفاية، فيجب على الأمّة أن تتّخذ من الوسائل والأسباب والآليّات العلميّة والعمليّة والتّربويّة والإداريّة ما يكفل ظهور هؤلاء المجتهدين الّذين يفقهون شريعتهم، ويعرفون عصرهم، فما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
5- إقامة مؤسّسات اقتصاديّة إسلاميّة تكمّل دور البنوك الإسلاميّة وتساعدها مثل شركات الاستثمار وسوق الأوراق الماليّة الإسلاميّة، كلّ ذلك من لوازم قيام اقتصاد إسلامي متكامل.
6- إذا كان حصول الأقلّيّات الإسلاميّة في أوروبّا ودول المهجر على حقوقها الدّينيّة والثّقافيّة والذّود عن مصالحها لا يتمّ إلاّ بالمشاركة في الانتخابات ودخول المجالس التّشريعيّة والبلديّة فإنّ هذا يصبح واجبًا عليهم وفْقًا لهذه القاعدة وغيرها.
7- إذا كان الأسلوب الأمثل لتصحيح أوضاع المجتمع وإصلاح أخطائه، ومناقشة قضاياه ومشاكله، ومراقبة تجاوزات أفراده، لا يتمّ في عصرنا إلاّ من خلال المجالس النّيابيّة والبلديّة، كان إجراء الانتخابات والتّرشّح لها لدخول هذه المجالس أمرًا مهمًّا، بنفس الأهمّيّة الّتي ثبتت لتلك المجالس والغاية منها.
8- وسائل الدّعوة وآليّاتها تتغيّر وتتطوّر بتطوّر الحياة ومعارف الإنسان، والواجب على المسلمين أن يستخدموا في الدّعوة إلى الإسلام أفضل ما انتهى إليه تطوّر العلم وتقنياته، وأن يستفيدوا من الطباعة والتّصوير والكمبيوتر والإذاعة والتلفاز والقنوات الفضائيّة وغيرها، كما يجب عليهم استخدام تلك الأداة الجديدة الجبّارة (الإنترنت) الّتي تجتاز القفار والبحار، لتغزو الأقطار، وتغيّر الأفكار، وإذا كان هناك من اتّخذ منها منبرًا لنشر أديانهم الباطلة وأفكارهم المنحرفة، فواجب على أهل الإسلام أن يستخدموها في تبليغ دعوة الإسلام إلى غير المسلمين، وكذلك توعية المسلمين أنفسهم وتعليمهم حقائق الإسلام، طبقًا لهذه القاعدة.

آخر أخبار مساهمات